القائمة الرئيسية

الصفحات

النجاح نور في القلب يزيده الفشل

بقلم / محمود النجار
ليس هناك من شك أن كل إنسان على وجه الأرض يسعى دائماً للنجاح ، فهو الشيء الذي يشترك فيه المتعلم والأمي ، فكلاهما يسعى للنجاح ولاكن كلاً منهم بطريقته وبعلمه أو خبرته التي مر بها من الحياة ، وهذا يعني أن النجاح هو شيء نسبي يختلف مفهومه من شخص لآخر بحسب الثقافة والمستوى العلمي والخبرات الحياتية ، ولاكن على الرغم من هذا الإختلاف إلا أن للنجاح وسيلة ثابته مهما إختلف مفهومه حسنى عليها سائر الأديان السماوية وهي "السعي" .
                     
فالسعي للنجاح من القيم الإسلامية التي حث عليها الدين كثيرا ، حيث يحفز الدين الحنيف أبناءه ويطلب منهم أن يكونوا أصحاب أهداف راقية ، وتذكرنا السنة النبوية بأن حياة المرء إذا خلت من العمل فهي تمنٍ كاذب ، وفي هذا الشأن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني» ، وهذا الحديث واحد من الأحاديث النبوية التي تحفز على السعي والعمل ، وألا تبقى الأهداف مجرد أمنية ، فالطموح أمر مشروع ، ولو لم يكن هناك طموح ما عمل أحد .

فكلمة نجاح ليست مضادها فشل , كلمة نجاح مضادها كلمة يأس واستسلام , فالفشل هو أحد أقطاب النجاح وأحد أذرعته كما يقول ونستون تشرشل - رئيس الوزراء البريطاني الأسبق- ((النجاح هو القدرة على الانتقال من فشل إلى فشل دون أن تفقد حماسك)) , فإذا فقدت حماستك فهو عكس النجاح , ولكي ننجح لابد من الوقوف على فلسفة النجاح , وفلسفة النجاح أن ننظر له بتكامل من كل الزوايا , وعلى كل الفترات والأزمنة , ودائمًا يبدأ بالفشل – وإلا - يُعتبر درب من دروب الحظ وليس نجاح .

ولعل دراستي للفلسفة هي أحد ركائز النجاح في حياتي ، فقد علمتني أن الفشل ليس كسراً في طريق النجاح ، وإنما هو علامة على إنني في الطريق الصحيح ، فمن الناحية النفسية والشعورية كلما كان الفشل كثيراً كان النجاح أكبر وأعظم ، وكلما شعرت بروعة نجاحك وأهمية ما وصلت إليه ، وبهذا لم يوقفني الفشل يوماً عن طريقي ، ولاكن على العكس كان حافذاً لي  على إثارة الدافع والرغبة في النجاح ، أذكر يوماً في المرحلة الثانوية قد أثارت المعلمة موضوعاً عن الجامعة وما نريده فتهافت الزملاء من حولي بأمانيهم ، فأخبرت المعلمة بأنني أرغب في أن أدخل كلية خاصة بالإعلام ، فكنت أهوى تقديم البرامج التليفزيونية ، فضحكت المعلمة وأخبرتني أن مثل هذه الكليات لا يقبلوا الأشخاص ذو الإعاقة البصرية ، فلم يكن مني إلا أنني صعقت من ما سمعته ، ولاكن بمرور الوقت تقبلت الأمر ودخلت كلية الأداب قسم فلسفة ، ولم أنسى هدفي قط بمرور السنين ، فلم أجد من المؤسسات الإعلامية من يقبلني كمتدرب ، فقررت أن أتعلم بمفردي وأتحدى هذا ولم أيأس رغم كل المحاولات للإلتحاق بإحدى مدارس الإعلام ، بحثت عن دروساُ وشاهدت الكثير من البرامج ، فكنت  أتلقها منهم أفكاراً تفيدني في التعلم ، فقد تعلمت الجرافيك والتصميمات الإعلانية وكذلك المنتاج والتصوير والمنتاج الصوتي ، وبمرور الوقت شعرت بأنه لابد من وجود تجربة واقعية لتطبيق ما تعلمته ، فقررت أن أقوم بتصميم برنامج له هدف وفكرة ويفيد من حولي ، فوقع الإختيار على برنامج لذوي الإعاقة وأطلقت عليه إسم "برنامج احنا المعاقين" ، ربما إختلف معي الكثير من المتابعين حول الإسم ووصل الإعتراض إلى حد الهجوم ، ولاكن من لم يعطي لنفسه فرصة لأن يفهم فسيكون حكمه بمثابة نقد هدام ولن يكون له جدوى ، ومع التجربة ظهرت الكثير من الصعوبات فالدروس الورقية تختلف تماما عن التجربة الواقعيه ، ولاكن كما يقول هيلين كيلر "الحياة إما أن تكون مغامرة جريئة . . أو لا شيء" ، فقد غامرت وكان لي في النهاية ما تمنيته ، فأنا اليوم أصبحت مقدم برنامج ، ربما مبتدئ وبأفكار بسيطة ، ولاكن لدي إصرار على الإستمرار والنجاح وإستكمال حلمي لأكون مقدماُ لبرنامج تليفزيوني ، فما أجمل أن ترى ثمرة السعي والتحدي ، والأجمل أن تتذكر دائماً الفشل وتجعله حافذ لك ودافع للنجاح ، فلكي تنجح وتحقق أهدافك وما تتمناه يجب أن تضع في إعتبارك أن النجاح يسبقه فشل مرات ومرات حتى نتعلم من الخطأ , وأن عكس كلمة نجاح هي اليأس والإحباط وعدم المحاولة ، والأهم أن تنظر للفشل على أنه درساً لابد أن تتعلمه وليس علامة توقف ورجوعك إلى  الصفر من جديد  .

تعليقات